فقد إحساسه بالأشياء من حوله، تحوّل فجأة إلى إعصارٍ هادرٍ من الغضب، رفع مطرقته وهوى بها على الصّخرة، وعاود ذلك مرارًا وتكرارًا حتى ارتجّ المكان، وبدأ الغبار يتصاعد من الحجارة المتساقطة
تتالت الضربات، وتحول جسده كله إلى يدين لا همّ لهما إلّا ضرب ذلك الجبل الجاثم أمامه كأنّه يضرب كل ما عاشه مُذْ كان طفلًا، يهوي بالمطرقة على سجنه، على غيابه، على اليأس من مغادرته تلك العتمة، على شوقه الجارف إلى زوجته، على الهدير الذي يصم أذنيه ويمنعه من سماع أيّ شيء سواه، على العزلة التي تمتد وتمتد، وعلى الفكرة التي لا يرغب فى مواجهتها … لم يكن يعلم أن جسد الصخرة يتداعى أمامه، كان غائبا في غضبه، متّحدًا مع مطرقته في هدم كلّ الجدران التي واجهته، وهو الوحيد، الغائب، السجين، الموجوع، الجائع، العطش
تداعت الصّخرة أمامه، وانفتح الخاتم على النّفق الطّويل، فانطلق الماء بقوّةٍ وجرف معه كلّ شيء
تأليف : زاهران القاسمي